هل يختلف الثلاثة؟ سؤال يقف بالحلق ونحن نسأله لأنفسنا كل عام وتمضى الأيام والشهور ونعاود سؤالنا البسيط الذى يبدو للبعض ساذجا.
رمضان أليس شهر مثل كل الأشهر يأتى ثم يرحل منتقصا من أعمارنا مدته كباقى الأيام والأشهر والساعات والثوانى، ظاهريا نعم هو شهر يتألف من وحدات زمنية.
ولا يختلف أطلاقا، لكنا نسمع من يدعى أن الشهر مر بسرعة ومن يدعى أن أيامه ثقيلة مملة، خاصة إذا صادفت قيظا شديدا مثل هذا العام.
ومن يعبر الشهر دون أن يلتفت إليه أو إلى خصوصيته، مضان مهما حاولنا أن نكتب حوله فلن نأتى بجديد فهو شهر تكرر على مدار ما يزيد على ألف وأربعمائة عام.
وكتب عنه وفيه الكثير والكثير، وإذا أردنا أن نكتب فلن يكون ما نكتب سوى إعادة لما قيل.
لكنا هنا نقول إن رمضان يختلف من شخص لآخر ومن جماعة لأخرى فرمضاننا يختلف عن رمضانكو وعن رمضانهم كما يقول العامة، فمن نحن ومن هم ومن أنتم (عطفا على صريخ الزعيم الليبى) أراحنا الله من شره بحق هذا الشهر الفضيل.
نحن معظم عباد الله الذين ينتظرون هذا الشهر ليصلحوا من أنفسهم ولو قليلا على اعتبار أنه سوق للخير والأعمال الصالحةز
ونحاول فأحيانا نفلح وكثير ما نخفق لأننا نسينا ولم ندرب أنفسنا طوال أشهر السنة على سلوك الطريق القويم، وسرنا وراء الهوى وإلهاء إبليس لنا بالأمل فى أيام هذا الشهر الفضيل.
ولا نتعلم من تاريخنا معه الذى دوما ينبئنا بأننا مخطئون، وفى لهاثنا لفعل أى شىء يشعرنا بعدم التقصير نجد الشهر قد ولى ونحن لم نفعل سوى القليل.
فنبدأ فى تناسى كل شىء والتفكير فى رمضان القادم بدلا من أن نجعل ديدننا عمل الصالحات ليسهل علينا متابعة العمل حين يأتينا رمضان القادم فنحن ننسى ونتناسى ونفكر فقط إننا سنعوض فى السنة القادمة وكأن رب رمضان ليس هو رب باق الأشهر.
أما هم فأقصد بهم الفنانون والإعلاميون الذين يكرسون جل وقتهم قبل قدوم الشهر الفضيل فى التفكير والترتيب لاقتناص أكبر قدر ممكن من أوقات هذا الشهر الكريم لتضيعها فيما يفيد وفيما لا يفيد وإنما فقط ليتسلى الجميع.
ويتم تغييبه بمواد أشبه بالمخدرات تلغى عقله وتفكيره وتضعه فى خانة المتلقى العطش لكل ما يقدم له من غثاء وخروج عن التقاليد والقيم التى يجب أن تراعى طوال العام فإذ بنا نجدها قد أهدرت عن عمد خلال هذا الشهر الفضيل.
وفى خضم هجمة الأعمال الشرسة يضيع صوت العقل ويخفت صوت النقد أمام سيل البرامج الهابطة والمسفة والدراما التى تتنافس بشراسة على بث سمومها عبر أفكار يتم التسويق لها من قبل صانعى الدراما التلفزيونية لخدمة أغراضهم المستقبلية.
وهم يستغلون زحمة سوق العرض ليفلتوا بفعلتهم كل عام، ولا يجد ناقد أو صاحب قلم شريف الوقت لينتقد بموضوعية لكثرة الأعمال وضيق الوقت، أما أنا فأرى أنه من الضرورى أن يتم محاسبة هؤلاء المفسدين وإيقافهم إذا ثبت تعمدهم خاصة ونحن نعيش عصر جديد من الحرية والانفتاح على الآخر.
أما أنتم معشر الصائمين فواجبكم أن تقاطعوا أى عمل يشوبه الإسفاف وتنطوى فكرته على بعض دعاوى هدم القيم والإباحية والتأسيس لقواعد لا تتفق وأخلاق مجتمعنا، وهذا أضعف الإيمان أن يكون جهادنا بالسلب بالمقاطعة ليعلم هؤلاء أنهم لن يفلحوا بعد اليوم فى متابعة دور التغييب العلقى والفكرى لأبناء هذه الأمة.
وأن ما فات قد فات ونحن بحاجة لمن يقدم ما يساعد فى بناء عقول أبناء هذه الأمة ويعمل على تقوية إيمانهم ويوحد صفوفهم.
وليس ما يسهم فى إحداث فرقة أو تغييب للضمير الوطنى والفكر الإنتاجى من جديد وشغل الناس بتوافه الأمور وصراعات شخوص الدراما التى تقدم الوهم والتسلية فقط فى زمن نحتاج فيه كأمة إلى تكاتفنا واستغلال كل وقتنا فى دفع عجلة الإنتاج والتقدم لنلحق بباق الأمم.
الكاتب: أشرف نبوي